سنين عجاف ( رواية أدبية )
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
سنين عجاف ( رواية أدبية )
سنين عجاف ( رواية أدبية )
عند هضبة مرتفعة جنوب الجزيرة العربية وقف شاب يركب حمارا وكان الشاب قوي البنية مفتول العضلات ذو بشرة شديدة السمار وأنف أفطس واسع الفتحتين وشعر مجعد غير ممشوط بينما عيناه سوداوان واسعتان بهما جرأة وتحد وشفتاه دقيقتان ، ربط حماره بجذع شجرة وأنزل بردعته فتناول منه رغيفا ثخينا صنع من حبوب الدخن العربي وجلس متربعا على التراب وشرع يأكل منه قضمة تلو أخرى حتى أجهز عليه ثم شرب ماء من قربته وأوسد رأسه على كومة تراب صنعها لنفس الغرض وغط في نوم هادئ على أنغام زفرات رياح باردة قادمة من جبال السراة وأحلام طفل تاق لرؤية أمه التي تركها منذ أعوام .
وبينما هو كذلك وإذ به يسمع أصوات حوافر جياد نبهته من مرقده ، تلفت مذعورا يمنة ويسرة فإذا بفارسين تلطما بوشاحين أسودين وعمائم لفت على وجهيهما وقد تدلت سيوفهما من على جيادهما مغمدين ، نهض الشاب وتناول عصاه ووقف حذرا حتى اقتربا منه بادروه بالتحية فرد سلامهما ثم قال أحدهما : على رسلك يا هذا فما نحن غير عابري سبيل ولا ننوي الشر ونحن من قبيلة معروفة ولا داعي لأن تشهر عصاك الغليظة هذه .
رد الشاب : وأنا مسافر أيضا وأنا ابن الشيخ مذكور .
تبادل الفارسان النظرات فيما بينهما ثم ألتفت أحدهما فرمقه بنظرة ازدراء قائلا : لا يبدو عليك ذلك ، فأنا أعرف الشيخ مذكور الذي تزعم أنه والدك إنه فاحش الثراء كريم الخصال عربي أصيل لم يختلط نسبه بعبيد أو أعاجم .
قال الشاب : ينسب المرء لأبيه وإن غلب عليه دم أخواله ، ثم يا هذا ما شأنك بكل هذا ، أتجادل لتحق حقا وتنكر باطلا ، أم هو المراء والاستهزاء ، إن كان لكم عندي حاجة فأفصحوا عنها وإلا فالطريق سالك .
رد الفارس : مهلك يا ابن العم .. فما نويت إغضابك أبدا ولكنني أمازحك ، فوجهك يبدوا عليه السماحة أكثر من التجهم .
وترجل الفارسان عن جيادهما معرفين عن أنفسهما فقال أحدهما : أنا دكوان وهذا أخي عمران ونحن من قبيلة الشيخ زاهد .
فقال الشاب : وأنا شاهر ابن الشيخ مذكور .
عمران : ونعم الحسب والنسب ، والله إنا لنزداد شرفا بمعرفتك .
شاهر : بل هو شرف لي بمعرفتكما أيها الفارسان الأصيلان .
دكوان : لا أرى معك جوادا والشيخ مذكور كثير خيل ونعمة واسع الكرم ، فما قصتك مع هذا الحمار .
تبسم شاهر وقال : كلها دواب سخرت لبني آدم .
دكوان : لكن أبناء الشيوخ جديرين برفقة وحاشية .
شاهر : ما نفعهم والمرء في قبره وحيد .
دكوان : أما من رفيق وعضيد ؟.
شاهر : الله عضيد كل مؤمن ونصيره .
دكوان : ونعم بالله .. ولكن أما من أنيس ؟
شاهر : بلى كتاب الله .
دكوان : أما تخشى السباع ؟
شاهر : أو ليست تتصرف بأمر الله ؟
دكوان : أما تخشى اللصوص وقطاع الطرق ؟
شاهر : يخشاهم ذو مال أما أنا فلا أملك غير زادي وراحلتي .
دكوان : لقد أفحمتنا ، فإلى أين وجهتك ؟
شاهر : إلى السوق الكبير .
دكوان : قلت لا تملك مال ؟
شاهر : لي في السوق مأرب آخر .
عمران : كفاك يا دكوان ، فلقد أكثرت الأسئلة .
ثم ألتفت إلى شاهر قائلا : نحن أيضا نريد السوق فإن لم يكن لديك مانع فسيسعدنا لو تآخينا في الطريق لنأنس بصحبتك .
شاهر : هذا شرف عظيم وكرم جم لا يصدر إلا من أصيلا الحسب والنسب .
عمران : أظن أننا سنسعد بصحبتك مادام لك هذا اللفظ العذب المهذب .
وبينما كان شاهر يضع بردعته على ظهر حماره تغامز الفارسان في مكر وخديعة ففهم كل واحد منهما إشارة صاحبة ، بينما لم يلاحظ شاهر شيئا مريبا وسار بحماره جنبا لجنب مع خيلي الفارسين ، وكان شاهر يحدثهم عن مغامراته وتجواله في أراضي الجزيرة فأعجب الفارسين بشاهر وحديثه الذي بهرهما فيه أسلوبه الرائع وسلامة لهجته في سرد قصصه وطرائفه .. وهكذا ساروا حتى غربت الشمس فركنوا إلى تل صغير ليمضوا ليلتهم ، وقاموا بجمع الحطب وأشعلوا النار بينما كان شاهر مشغولا بكمين لأرنب بري رآه صدفة وعندما كان على مقربة منه أخرج من جيبه نبلا ووضع به حجرا وصاد الأرنب برمية جاءت بين عينيه فاستل سكينه ولحق بالأرنب قبل أن يلفظ أنفاسه وذكر اسم الله وذبحه ثم قدمه لهم شواء لذيذا لم يكونوا ليحلموا به فأكلوا وحمدوا الله وشكروا رفيقهم الشاب وظلوا يتسامرون على ضوء ليلة قمرية ونارهم مشتعلة تقيهم برد ليل الصحراء القارس ومهاجمة الذئاب النهمة .
وعندما حان وقت المنام ابتعد الفارسان بمكان نومهما عن شاهر ليتسنى لهما التخطيط لمؤامرة باتت نواياهم بها أكيدة قال دكوان : هذا الأفطس قوي البنية وإن لم نباغته سيقضي علينا ولن تنفعنا معه سيوفنا . وفعلا فقد حاكوا مخططهم بكيد ماهر وإحكام فائق ، فما أن غط الشاب في نومة بعد جهد وتعب حتى وثبا فوق صدره وكتما أنفاسه بلف عمامة على رقبته بقوة حتى شارف على الموت في ذهول خيانة لم يعرف لها مثيل وقاموا بوثاقه بحبالهم واستولوا على حماره وزاده وجروه خلفهم كحيوان بائس في أيد أشرار قذرون لا تعرف قلوبهم الرحمة ومازالا على ذلك يشتمونه ويعيرونه بالعبد ويحثون على وجهه التراب ويتناوبون في تمزيق ملابسه وجلده بالسوط حتى انبلج نور الصباح وهم على مقربة من السوق الكبير وفي السوق باعا حماره ثم باعاه عبدا بثمن بخس وانطلقا فرحين بما فازا به من غنيمة .
أحبتي الأعضاء
أحداث الرواية بعضها واقعي حدثت في زمن غابر وبعضها من نسج الخيال
عند هضبة مرتفعة جنوب الجزيرة العربية وقف شاب يركب حمارا وكان الشاب قوي البنية مفتول العضلات ذو بشرة شديدة السمار وأنف أفطس واسع الفتحتين وشعر مجعد غير ممشوط بينما عيناه سوداوان واسعتان بهما جرأة وتحد وشفتاه دقيقتان ، ربط حماره بجذع شجرة وأنزل بردعته فتناول منه رغيفا ثخينا صنع من حبوب الدخن العربي وجلس متربعا على التراب وشرع يأكل منه قضمة تلو أخرى حتى أجهز عليه ثم شرب ماء من قربته وأوسد رأسه على كومة تراب صنعها لنفس الغرض وغط في نوم هادئ على أنغام زفرات رياح باردة قادمة من جبال السراة وأحلام طفل تاق لرؤية أمه التي تركها منذ أعوام .
وبينما هو كذلك وإذ به يسمع أصوات حوافر جياد نبهته من مرقده ، تلفت مذعورا يمنة ويسرة فإذا بفارسين تلطما بوشاحين أسودين وعمائم لفت على وجهيهما وقد تدلت سيوفهما من على جيادهما مغمدين ، نهض الشاب وتناول عصاه ووقف حذرا حتى اقتربا منه بادروه بالتحية فرد سلامهما ثم قال أحدهما : على رسلك يا هذا فما نحن غير عابري سبيل ولا ننوي الشر ونحن من قبيلة معروفة ولا داعي لأن تشهر عصاك الغليظة هذه .
رد الشاب : وأنا مسافر أيضا وأنا ابن الشيخ مذكور .
تبادل الفارسان النظرات فيما بينهما ثم ألتفت أحدهما فرمقه بنظرة ازدراء قائلا : لا يبدو عليك ذلك ، فأنا أعرف الشيخ مذكور الذي تزعم أنه والدك إنه فاحش الثراء كريم الخصال عربي أصيل لم يختلط نسبه بعبيد أو أعاجم .
قال الشاب : ينسب المرء لأبيه وإن غلب عليه دم أخواله ، ثم يا هذا ما شأنك بكل هذا ، أتجادل لتحق حقا وتنكر باطلا ، أم هو المراء والاستهزاء ، إن كان لكم عندي حاجة فأفصحوا عنها وإلا فالطريق سالك .
رد الفارس : مهلك يا ابن العم .. فما نويت إغضابك أبدا ولكنني أمازحك ، فوجهك يبدوا عليه السماحة أكثر من التجهم .
وترجل الفارسان عن جيادهما معرفين عن أنفسهما فقال أحدهما : أنا دكوان وهذا أخي عمران ونحن من قبيلة الشيخ زاهد .
فقال الشاب : وأنا شاهر ابن الشيخ مذكور .
عمران : ونعم الحسب والنسب ، والله إنا لنزداد شرفا بمعرفتك .
شاهر : بل هو شرف لي بمعرفتكما أيها الفارسان الأصيلان .
دكوان : لا أرى معك جوادا والشيخ مذكور كثير خيل ونعمة واسع الكرم ، فما قصتك مع هذا الحمار .
تبسم شاهر وقال : كلها دواب سخرت لبني آدم .
دكوان : لكن أبناء الشيوخ جديرين برفقة وحاشية .
شاهر : ما نفعهم والمرء في قبره وحيد .
دكوان : أما من رفيق وعضيد ؟.
شاهر : الله عضيد كل مؤمن ونصيره .
دكوان : ونعم بالله .. ولكن أما من أنيس ؟
شاهر : بلى كتاب الله .
دكوان : أما تخشى السباع ؟
شاهر : أو ليست تتصرف بأمر الله ؟
دكوان : أما تخشى اللصوص وقطاع الطرق ؟
شاهر : يخشاهم ذو مال أما أنا فلا أملك غير زادي وراحلتي .
دكوان : لقد أفحمتنا ، فإلى أين وجهتك ؟
شاهر : إلى السوق الكبير .
دكوان : قلت لا تملك مال ؟
شاهر : لي في السوق مأرب آخر .
عمران : كفاك يا دكوان ، فلقد أكثرت الأسئلة .
ثم ألتفت إلى شاهر قائلا : نحن أيضا نريد السوق فإن لم يكن لديك مانع فسيسعدنا لو تآخينا في الطريق لنأنس بصحبتك .
شاهر : هذا شرف عظيم وكرم جم لا يصدر إلا من أصيلا الحسب والنسب .
عمران : أظن أننا سنسعد بصحبتك مادام لك هذا اللفظ العذب المهذب .
وبينما كان شاهر يضع بردعته على ظهر حماره تغامز الفارسان في مكر وخديعة ففهم كل واحد منهما إشارة صاحبة ، بينما لم يلاحظ شاهر شيئا مريبا وسار بحماره جنبا لجنب مع خيلي الفارسين ، وكان شاهر يحدثهم عن مغامراته وتجواله في أراضي الجزيرة فأعجب الفارسين بشاهر وحديثه الذي بهرهما فيه أسلوبه الرائع وسلامة لهجته في سرد قصصه وطرائفه .. وهكذا ساروا حتى غربت الشمس فركنوا إلى تل صغير ليمضوا ليلتهم ، وقاموا بجمع الحطب وأشعلوا النار بينما كان شاهر مشغولا بكمين لأرنب بري رآه صدفة وعندما كان على مقربة منه أخرج من جيبه نبلا ووضع به حجرا وصاد الأرنب برمية جاءت بين عينيه فاستل سكينه ولحق بالأرنب قبل أن يلفظ أنفاسه وذكر اسم الله وذبحه ثم قدمه لهم شواء لذيذا لم يكونوا ليحلموا به فأكلوا وحمدوا الله وشكروا رفيقهم الشاب وظلوا يتسامرون على ضوء ليلة قمرية ونارهم مشتعلة تقيهم برد ليل الصحراء القارس ومهاجمة الذئاب النهمة .
وعندما حان وقت المنام ابتعد الفارسان بمكان نومهما عن شاهر ليتسنى لهما التخطيط لمؤامرة باتت نواياهم بها أكيدة قال دكوان : هذا الأفطس قوي البنية وإن لم نباغته سيقضي علينا ولن تنفعنا معه سيوفنا . وفعلا فقد حاكوا مخططهم بكيد ماهر وإحكام فائق ، فما أن غط الشاب في نومة بعد جهد وتعب حتى وثبا فوق صدره وكتما أنفاسه بلف عمامة على رقبته بقوة حتى شارف على الموت في ذهول خيانة لم يعرف لها مثيل وقاموا بوثاقه بحبالهم واستولوا على حماره وزاده وجروه خلفهم كحيوان بائس في أيد أشرار قذرون لا تعرف قلوبهم الرحمة ومازالا على ذلك يشتمونه ويعيرونه بالعبد ويحثون على وجهه التراب ويتناوبون في تمزيق ملابسه وجلده بالسوط حتى انبلج نور الصباح وهم على مقربة من السوق الكبير وفي السوق باعا حماره ثم باعاه عبدا بثمن بخس وانطلقا فرحين بما فازا به من غنيمة .
أحبتي الأعضاء
أحداث الرواية بعضها واقعي حدثت في زمن غابر وبعضها من نسج الخيال
مرسال الحب- عقيد
- عدد الرسائل : 59
تاريخ التسجيل : 07/02/2008
رد: سنين عجاف ( رواية أدبية )
مشكــــــــور ع القصة
وننتظر المزيد
تقبل مروري
وننتظر المزيد
تقبل مروري
الحكيم- عقيد
- عدد الرسائل : 69
تاريخ التسجيل : 16/02/2008
رد: سنين عجاف ( رواية أدبية )
مشكــــــــــــــــور
ويتم نقله لمنتدى الروايات الأدبية
ويتم نقله لمنتدى الروايات الأدبية
الثائر- الذراع الأيمن
- عدد الرسائل : 121
تاريخ التسجيل : 20/01/2008
رد: سنين عجاف ( رواية أدبية )
مشكككككككككككككككووووووووووووووووووورررررررر
ابو وطن- مستجد
- عدد الرسائل : 5
تاريخ التسجيل : 31/03/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى