تعب النضال ولم يتعب أبو ميساء

تعب النضال ولم يتعب أبو ميساء


حميدي العبد الله

رحل رمز النضال الوطني والقومي والثوري الأنقى، ورحل القائد المحبوب جورج حبش عن عمر يناهز ثلاثة وثمانين عاماً قضى ستين عاماً منها في النضال والكفاح الذي لا ينقطع.

لم يكن جورج حبش قائداً فذاً وعظيماً لحركة القوميين العرب والجبهة الشعبية، بل كان رمزاً لكل صاحب قضية في وطننا العربي الكبير وعلى مستوى الإنسانية جمعاء.

كان ملهماً لآلاف المناضلين على امتداد الوطن العربي، خَرّج آلاف الملتزمين بقضايا أمتهم الذين لا يخافون في الحق لومة لائم.

رباهم على الجمع بين الأخلاق والسياسة، وقلة هم الذين نجحوا في هذا الجمع الفذ لهاتين المسألتين ما عدا الأنبياء وكبار المصلحين في العالم وعلى امتداد التاريخ.

جورج حبش طراز فريد من القادة ستفتقده أمتنا العربية ولا نظير له، وعزاؤنا أن مبادئه وسيرته النضالية ستظل منبعاً يغترف منه الثوار الحقيقيون الذين لا يساومون على مبادئهم مهما قست الظروف واشتدت الخطوب.

جمع بين السياسة والأخلاق لدرجة أنه ارتقى بالسياسة إلى مستوى المبادئ، والسياسة عادة ما تكون غير ذلك، تحالفت ضده كل قوى الشر، والاستكبار، والاستعمار، والطغيان ومنعوه حتى من تلقي العلاج هاتكين زيف الادعاءات بحقوق الإنسان، لكن لم تلن عزيمته وظل ممسكاً بمبادئه ومسيرته النضالية، ورفض إغواء الانحراف الذي عصف بالكثيرين.

أقعده المرض عن ممارسة شكل من أشكال النضال، ولكنه أبى أن يتقاعد وهو الذي أفنى حياته في الدفاع عن قضيته فسلك أشكالاً أخرى من النضال، وظل يعطي لأمته حتى آخر لحظة من حياته. كان شعلة لا تنطفئ، وكان نبراساً يضيء الطريق لملايين الجماهير، وكان حارساً للمبادئ والقيم، ظل يعطي مسيرة الكفاح من دون توقف، حتى تعب النضال ولم يتعب أبو ميساء، رحل وهو يوصي رفاقه وأبناء أمته بالثبات على المبادئ: تحرير فلسطين كل فلسطين، وتحقيق الوحدة العربية التي لم تغادر حلمه لحظة واحدة.

إلى الخلود أيها القائد العظيم، ولن ينسى أبناء أمتك وصيّتك، وعزاؤنا أنهم ينهضون من جديد، يمتشقون السلاح، ويحملون الراية، ويكملون المسيرة تحت هداية تعاليمك الخالدة