النقد والنقد الذاتي

من طرف الحكيم الإثنين مايو 12, 2008 4:59 am

إن من أبرز ما تعلمه النظرية الماركسية اللينينية ضمن مفاهيمها ، ان الانسان طالما يتفاعل مع المحيط الذي يقطن فيه يتأثر ويؤثر ويعمل لابد من أن يخطئ ، وقد أجاد لينين التعبير عن هذه الحقيقة بقوله إن من يعمل يخطئ ومن لا يعمل لا يخطئ والأموات وحدهم لا يخطئون ولم يقف لينين وكلاسيكي والملركسية أما هذه الأخطاء دون علاجها ..... فقد صاغوا مبدأ ثوري في الحياة العلمية على قدر عالي من الأهمية ... مبدأ النقد والنقد الذاتي ، ذات اليلاح الذي من خلاله يستطيع ان يمارس الانسان دوره مع أخيه الانسان في عملية التربية والتغيير وهذا لا يمكن أن يمارس الا في الاطر التقدمية والتي تحشد في احشائها أكبر حجم جماهيري ويشكل هذا المبدأ أساس للمارسة وسبيل للتقدم على طريق كشف التناقضات وحلها أما في المجتمعات الاشتراكية التقدمية يصبح باب النقد والتقد الذاتي مبدأ عادي وسلوك اعتيادي كممارسة كافة فئات المجتمع كحق واجب للجميع .
إن النقد والنقد الذاتي باعتباره مبدأ لينينا هاماً في حياة المجتمع يساهم بشكل فعال في تدعيم وبناء علاقات انسانية راقية ... بشرط أن يتم ممارسته انطلاقا من الحرص والموضوعية ووحدة الهداف ،أي بمعنى أخر انطلاقا من مبادئه الاساسية وليس أقلها العلنية والمباشرة والانسانية من خلال الروح الرفاقية حيث تشكل هذه المبادئ الصمام الامان لكي لا يتحول النقد الى وسيلة للهدم والتخريب والانتهازية ، ويجب علينا عند ممارستنا للمبدأ كحق وواجب ان ننطلق من روح المسؤولية والابتعاد عن الدبلوماسية وعلينا ان نتوجه ونصب اعيننا هدف دائم يتلخص في المجتمع والتي منها حب الذات والانانية والغرور والاتكالية والكسل والجبن وتعزز ايجابيا كافة السجايا الاخلاقية للطبقة العاملة والتي ابرزها التكاتف والتعاضد وحب الجماعة والدقة في العمل واداء الواجبات ...... ان العلاقات الانسانية والرفاقية والزمالة يجب الا تتناقض مع الواجب ازاء استخدام هذا المبدأ , فالذين يتوجهون مدفوعين بشعور الصداقة والفهم العاطفي للعلاقات والزمالة والنظرة الى الاخطاء التي يقع بها زملائهم او يتجنبون معالجتها والتصدي لها انما يقعون في خطأ المساهمة في الخطأ ذاته ومراكمة الاخطاء ولو بحسن نية فانهم بذلك يتسببون بالضرر للعمل ولاطارهم بالذات كون هذه السلبيات حال عدم معالجتها فاتها تسئ لسمعتهم في اوساط الجماهير فالصداقة والعلاقات الشخصية لا يجب ان تقف حائلا امام ممارسة مبدأ النقد فمصلحة الجماعة يجب ان تكون فوق العلاقات الشخصية اي كانت ، ومن المظاهر التي تبرز في الممارسة فيما يتعلق بموضوع النقد والتي تعكس نفسها سلبا هي وجود بعض الرفاق الذين لا يبدون الارتياح عند توجيه النقد لهم يأخدون بالمناورة والانفعال والتهرب من الاعتراف بالخطأ ، ويعكسون موقفهم هذا خارج الاطار وتبدأ حملات التذمر والتشهير بحق الرفيق الذي قام بتوجيه النقد وهؤلاء الرفاق انما يعكسون موقفا سلبيا نابع عن الكرانة الشخصية البرجوازية بسبب تدني مستوى الوعي النظري لهم .
ومن الخطأ أيضا ان نلجأ الى تأجيل ممارسة النقد الى فترة زمنية بعيدة عن فترة حدوث الخطأ او تجمي مجموعة من الانتقادات أو الاخطاء لرفيق ، ومن ثم طرحها دفعة واحدة ... إن هذا بالتأكيد سيترك انطباعا سلبيا لدى الرفيق الذ تم توجيه النقد له ويبدو الرفيق الذي مارس النقد " متصيدا " وان لا يقصد ذلك نتيجة لنقص الخبرة والممارسة ومن الممكن في بعض الحالات اللجوء الى توجيه ملاحظة نقدية لرفيق خارج الاطار وخصوصا في قضايا وموضوعات اجتماعية وشخصية والتي تؤدي ممارستها الى الاساءة للرفيق المعني أو لرفاق اخرين ، أو اغراق الجهات المعنية في مناقشة قضايا جانبية يمكن حلها بشكل شخصي ويلعب النقد والنقد الذاتي دورا هاما في عملية التربية الاخلاقية للرفاق بالاضافة الى دوره في عملية التثقيف والبناء وهذا يتطلب من رؤية الجهات السلبية والايجابية حماية الحزب ففي الوقت الذي ننتقد فيه الأخطاء والنواقص فنحن مطالبون ايضا ان نقف لنثمن الممارسات الايجابية لرفاقنا ليس فقط لسهرهم على تطوير حزبنا والعطاء والبذل بل ايضا على صعيد المستوى الراقي الذي وصل اليه معظم الرفاق في تمثيل وممارسة الاخلاق الشيوعية واقامة علاقات رفاقية متميزة وراقية .
يجب علينا أن لا نخاف الاعتراف باخطائنا واصلاحها باعمال عديدة ... متكررة وحينها سنكون على القمة تماما ، هكذا كتب لينين .
انه تأكيد جوهري على حقيقة التعاطي مع النقد حيث وضع أمام المجتمع البديل الثوري للأخطاء واعتبره بالاصلاح المتكرر والمرفق بالاعمال العديدة واستبدال القديم بالجديد .
ان ذلك عندما يقرن بالجرأة في التعاطي مع النقد لهو قادر ان يعطي المبدأ فعاليته ، حيث يمثل النقد مبضع الجراح في العمل الذي يستأصل الورم من الجسم بدقة متناهية وبعدها يعود الجسم الى سابقته واقوى من السابق .... وهذه القضية الثورية في التعاطي وضعت المجموع أمام مهمة تربوية حيث النقد الذاتي عندما يمارس امام الجماعة يحمل في جوهره الجراة والمسؤلية ويربي الروح على التواضح والاستقامة ويعكس قوة هذا الانسان وليس ضعفه ، بل قدرته على تجاوز القصور مما يترك اثرا عظيما كما يبقى ه الأثر الأعظم عندما توجه الجماعة الى نفسها النقد وامام الاحزاب والاطر والجماهير انها تقدم نفسها كما هي ودون مساحيف وزيف وعليه تضرب بعمق جذرها في وسط الجماهير .
وحقيقة لاغنى عن ذكرها غن النقد والنقد الذاتي نقيد للجمود والتقريرية والفوقية .
ويساهم باطلاق حريات الجماهير وابداعها وابداع الافراد حيث يترك باب النقد واسعا للمناقشة الحرة البعيدة عن الوقوع في منزلق الانتهازية بل المناقشة القائمة على الحجج والبراهين والقدرة على الاقناع .
ان النقد بشقية الايجابي والسلبي لا يعني عبارات اللعنة والتحذير أو ترتيل المديح فهو يتسم بالبناء وليس التشهير والانتقام كما يتصور البعض أن ممارسته تعني المسؤولية الصادقة النابعة من مسؤولية الحزب عن أعضاؤه مسئولية العضو عن اطاره الجماعي .
وهكذا فالنقد والنقد الذاتي يطور الحزب ويخلق امكانيات ذاتية جديدة متزايدة تساعدنا لتلافي الخلافات .
والتعارضات التي تظهر في ميدان العمل ، والى جانب ذلك يدرك الكل ان التناقضات المستعصية شأنها شأن المسيرة أمام مبدأ النقد فيا إذا توفرت الاسس والشروط لممارسة هذا المبدأ وتوفرت الظروف الموضوعية والذاتية التي تضمن حرية ممارسة هذا الحق والواجب لكل رفيق ورفيقة .
ان مبدأ النقد والنقد الذات لا يجمعه جامع مع السلبيات ولا يمكن أن يعيش معها ، انه ضد الخنوع وانعدام الشعور بالمسؤلية انه يعمل على مواجهة الواقع ولي الهروب منه ورفض الحياة والنضال بمضمونها الاجتماعي والطبقي ان حرية النقد بما فيها حرية الابداع ينبغي كسبها في العمل لخلق لحياة التي تدب فيها الحركة مع كل ما بها من تعقيدات وتناقضات وكون هذا الطريق يصل بنا الى الادراك والمعرفة والجرأة ووضوح نظرة وسلامة الذهن وهذا طريق النضال ، والنضال يتطلب تصميما ومعتقدات راسخة وطاقة معنوية كبيرة